وغير هؤلاء الجماعة يمنع ذلك، ويضمر (فِي) بعد العاطف، فيكون التّقدير عنده:(فِي الدّار زيد وفي الحجرة عمرو)، فهو حينئذ من عطف الجمل لا من عطف المفردات كما سبق فِي: اللطير مجرَى وللجنوب مصارع).
وأَجازَ الفراء أيضًا: أَن تعطف علَى معمولي عاملين مختلفين ولو لم يكن أحدهما حرف جر؛ تمسكًا بنحو قولهم:(ما كل سوداءَ تمرةً ولَا بيضاءَ شحمةً)(١).
علَى أَن (بيضاء) معطوف علَى (سوداء)، أَو العامل فيها (كل)، وأن (شحمة) معطوف علَى (تمرة) والعامل فيها (ما) الحجازية.
قال المصنف فِي "توضيحه علَى البخاري": ومن النّحويين من أَجازَ عطف الجمل بعضها علَى بعض مطلقًا من غير شرط. انتهَى.
ومنع بعضهم: عطف الفعلية علَى الاسمية وعكسه.
والمشهور: الجواز.
(١) مَا كُلُّ بَيْضَاء شَحْمَةً، ولَا كُلُّ سَوْدَاء تَمْرَةً وحديثه: أنه كانت هندُ بنت عَوْف بن عامر بن نِزار بن بجيلة تحت ذُهل بن ثعلبة بن عُكابة، فولدت له عامرًا وشيبان. ثم هَلَكَ عنها ذهل، فتزوجها بعده مالكُ بن بكر بن سعد بن ضبة، فولدت له ذُهْلَ بن مالك. فكان عامر وشيبان مع أمهما في بني ضَبَّة، فلما هلك مالك بن بكر .. انصرفا إلى قومهما، وكان لهما مال عند عمهما قيس بن ثعلبة، فوجَدَاه قد أهلكه، فوثب عامر دخل فجعل يحتفه، فَقَالَ قيس: يا ابني .. دَعْنِي؛ فإن الشيخ متأوه، فذهب قوله مثلًا. ثم قَالَ: ما كل بيضاء شَحْمَه؛ ولَا كل سوداء تمرة، يعني: أنه وإن أشْبَهَ أباه خَلْقًا .. فلم يشبه خُلْقًا، فذهب قوله مثلًا. يضرب في موضع التهمة.