وقد جاء عكس المسألة السابقة؛ كقول رجل من الصحابة:"غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبع غَزَوَات وَثَمَانِيَ"، بفتح (الياء)؛ أي:(ثماني غزوات) فحذف من الثاني لدلالة الأول؛ كقولِ الشاعر:
وكان الأجود (ثمانيًا) و (ستًا)، وسيأتي الكلام على (ثماني) و (ثمانية) في العدد.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام:"أوحي إلى أنكم تفتنون في قبوركم مثلَ أو قريبًا من فتنة الدجال" فحذف المضاف إليه من الأول؛ والتقدير:(مثل فتنة الدجال أو قريبًا من فتنة الدجال).
ويروى:(أو قريبَ) بلا تنوين، وتقديره:(أو قريب الشبه من فتنة الدجال)، قاله المصنف رحمه اللَّه.
[تنبيه]
اختلف:(في قَطَع اللَّه يدَ ورِجلَ من قالها).
فأبو العباس المبرد والمصنف: أن المضاف إليه محذوف من الأول كما سبق.
وسيبويه: أن المضاف إليه محذوف من الثاني، والأصل:(قطع اللَّه يد من قالها ورجل من قالها)، فحذف (من قالها) الثاني، فحصل:(قطع اللَّه يد من قالها ورجل)، ثم قدم (ورجل) فأقحم بين المضاف والمضاف إليه، فحصل:(قطع اللَّه يد ورجل من قالها).
وابن عصفور: الأصل: (قطع اللَّه يد من قالها ورجله) فحذف الضمير من (رجله) ثم قدم فأقحم أيضًا بين المتضايفين.
وحكى الفراء:(يد)، و (رجل) مضافان معًا لقوله: (من قالها)، وليس في الكلام حذف.
(١) التخريج: صدر بيت من الخفيف، وعجزه: منها مائة غير أبكر وأفال انظره في التذييل (٧/ ٢٣٣)، وشرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٢٥٠). اللغة: أبكر: جمع بَكر وهو الفتيُّ من الإبل. إفال: صغار الإبل مفرده أفيل. الشاهد: قوله: (خمس ذود أو ستُّ) حيث حذف المضاف إليه من الثاني لدلالة الأول عليه؛ إذ التقدير: (ست ذود).