يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض، الحاكم فيهما في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾ أي: يوم القيامة ﴿يَوْمَئِذٍ [١] يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ﴾، وهم الكافرون بالله الجاحدون ما أنزله على رسله من الآيات البينات والدلائل الواضحات.
وقال ابن أبي حاتم: قَدِمَ سفيان الثوري المدينة، فسمع المَعَافريّ يتكلم ببعض ما ضحك به الناس. فقال له: يا شيخ، أما علمتَ أن لله يومًا يخسر فيه المبطلون؟ قال: فما زالت تعرف في المعافري [٢] حتى لحق بالله ﷿. ذكره ابن أبي حاتم.
ثم قال: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾ أي: على ركبها من الشدة والعظمة، ويقال: إن هذا إذا جيء بجهنم فإنها تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه، حتى إبراهيم الخليل، ويقول: نفسي، نفسي، نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي. وحتى إن عيسى ليقول: لا أسألك اليوم إلا نفسي، لا أسألك مريم التي ولدتني.
قال مجاهد، وكعب الأحبار، والحسن البصري: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾ أي: على الركب.
وقال عكرمة: جاثية متميزة على ناحيتها، وليس على الركب. والأول أولى.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عبد الله بن باباه: أن رسول الله قال: "كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم"(١٠).
وقال إسماعيل بن رافع المديني عن محمد بن كعب عن أبي هريرة ﵁ مرفوعًا في حديث الصور [٣]: فيتميز الناس، وتجثو الأمم" (١١)، وهي التي يقول الله: ﴿وَتَرَى كُلَّ
(١٠) - ورواه نعيم في زوائد زهد ابن المبارك برقم (٣٦٠)، وأبو نعيم في الحلية (٧/ ٢٩٩) من طريق ابن عيينة به. (١١) - حديث الصور تقدم عند الآية (٧٣) من سورة الأنعام.