للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ﴿وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ﴾ أي: طريقه ﴿فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ أي: هذا هو [١] الذي نطلب ﴿فارتدا﴾، أي: رجعا ﴿عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾، أي: طريقهما ﴿قصصًا﴾، أي: يقصان آثار مشيهما، ويقفوان أثرهما.

﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾، وهذا هو الخضر كما دلت عليه الأحاددث الصحيحة عن رسول الله بذلك.

قال البخاري (٨١): حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بين دينار، أخبرني سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: أن نوفًا البكالي [٢] يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل؟!

قال ابن عباس: كذب عدو الله، حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله، قول: "إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال [٣]: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدًا بمجمع البحرين هو أعلم منك. فقال موسى: يارب، وكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا تجعله بمكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثمَّ. فأخذ حوتًا فجعله بمكيل، ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون -عليهما [٤] السلام- حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه فسقط في البحر ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به، قال له فتاه: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴾ قال: فكان للحوت سربًا، ولموسى وفتاه عجبًا ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا


(٨١) أخرجه البخاري -كتاب التفسير، باب: "وإذ قال موسى لفتاه … (٤٧٢٥)، وأخرجه مسلم- كتاب الفضائل، باب: من فضائل الخضر، (١٧٠) - (٢٣٨٠). وأبو داود -كتاب السنة، كتاب: في القدر - (٤٧٠٧) مختصرًا، والترمذي -كتاب تفسير القرآن، باب: "ومن سورة. الكهف" - (٣١٤٩) والنسائي في الكبرى -كتاب التفسير، كتاب: قوله تعالى: "أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة … " (١١٣٠٨) - (٦/ ٣٨٩). وأحمد في مسنده (٥/ ١١٨). من طرق عن سفيان بن عيينة به.