في السلام، فإن المسلِّم على أخيه الميت يتوقَّع الجوابَ أيضاً. قال ابن عبد البر (١): ثبتَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"ما مِنْ رجل يمرُّ بقبرِ أخِيْه كان يعرفُه في الدنيا فيسلِّم عَلَيه إلا ردَّ الله كل عَلَيه روْحَه حتى (ظ/١٢١ أ) يرد عليه السلام"(٢)، وبالجملةِ، فهذا الخيال قد أبطلته السنةُ الصحيحة.
وهنا نكتة بديعة ينبغي التفطن لها، وهي: أن السلام شرع على الأحياء والأموات بتقديم اسمه على المسلَّم عليهم؛ لأنه دعاء بخير، والأحسنُ في دعاء الخير أن يقدم الدعاء به على المدعوِّ له، كقوله تعالى:{رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ}[هود: ٧٣]، وقوله: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩)} [الصافات: ١٠٩]{سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ}[الصافات: ٧٩]، {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (١٣٠)} [الصافات: ١٣٠]، {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ}[الرعد: ٢٤].
وأما الدّعاء بالشر: فيُقدم فيه المدعو عليه على المدعو به غالبًا، كقوله تعالى لإبليس:{وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي}[ص: ٧٨]، وقوله:{وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ}[الحجر: ٣٥]، وقوله:{عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}[التوبة: ٩٨]، وقوله:{وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ}[الشورى: ١٦].
(١) أخرجه ابن عبد البر بسنده إلى ابن عباس، ولم أر تصحيحه للحديث، وأنظر التعليق الآتي. (٢) أخرجه الخطيب فى: "تاريخ بغداد": (٦/ ١٣٧)، وابن عساكر فى "تاريخ دمشق": (٢٧/ ٦٥)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية": (٢/ ٩١١)، والذهبي في "السير": (١٢/ ٥٩٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وضعفه ابن حبان وابن الجوزي والذهبي. وأخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار": (١/ ١٨٥) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- ونقل المصنفُ والعراقيُّ- كما فى فيض القدير: ٥/ ٤٨٧ - عن ابن عبد البر أنه صححه.