استشكل طائفةٌ قول المصنفين:"بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد وآله"، وقالوا: الفعل بعد الواو دعاء بالصلاة، والتسمية قبله خبر، والدعاء لا يحسن عطفه على الخبر، لو قلت:"مررت بزيد، وغفر الله لك"؛ لكان غثًا من الكلام، والتسمية في معنى الخبر؛ لأنَّ المعنى: أفعل كذا باسم الله.
وحجة من أثبتها: الاقتداء بالسلف، والجواب عما قاله هؤلاء: أنّ الواو لم تَعْطِف دعاءً على خبر؛ وإنّما عطفت الجملة على كلامٍ مَحْكِيٍّ، كأنك تقول: قلت (٢): بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد"، أو "أقول هذا وهذا"، أو "أكتب هذا وهذا".
فائدة (٣)
قولهم: "الصلاة من الله بمعنى الرحمة"، باطل من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الله تعالى غايَرَ بينهما في قوله: {عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}[البقرة: ١٥٧].
الثاني: أن سؤال الرحمة يُشْرع لكلِّ مسلم، والصلاة تختص النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- وآله (٤)، وهي حق له ولآله، ولهذا منع كثير من العلماء من الصلاة على مُعَيَّنٍ غيره، ولم يمنع أحد من الترحُّم على مُعيِّن.
(١) انظر: "نتائج الفكر": (ص/ ٥٦). (٢) "قلت" من (ق). (٣) انظر: "نتائج الفكر": (ص/ ٥٧ - فما بعدها). (٤) سقطت من (ظ).