وإنما كتب رحْمَتَهُ للذين يَتَّقون ويؤتونَ الزَّكاةَ، والذين هم بآياته مؤمنونَ (١)، والذين يَتَّبِعون رسولَهُ، فهؤلاء هم أهلُ الرحمةِ، كما أنهم هم المُحسنونَ.
وكما أحسنوا جُوزوا بالإحسان، و {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠)} [الرحمن: ٦٠] يعني: هل جزاءُ من أحسن عبادَةَ ربِّه إلّا أن يُحْسِنَ ربُّه إليه؟.
قال ابن عباس: هل جزاء من قال لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - إلا الجنَّةُ (٢).
وقد ذكر ابنُ أبي شيبة وغيرُه من حديث الزُّبير بن عَدِي، عن أنس بن مالك قال: قرأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[الرحمن: ٦٠] ثم قال: "هَلْ تَدْرُونَ مَا قَالَ رَبُّكُمْ"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"يَقولُ هَلْ جَزَاءُ مَنْ أنْعَمْتُ عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إلاّ الجَنَةُ"(٣).
فصل (٤)
وأما الإخبار عن الرَّحمة وهي مؤنثة بالتاء بقوله:(قريبٌ) وهو
(١) (ظ وع): "بآياتنا يؤمنون". (٢) ذكره البغوي في "تفسيره": (٤/ ٢٧٦). (٣) أخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول": (٢/ ٢٦٦)، والبغوي في "تفسيره": (٢/ ٢٧٦)، والديلمي في "مسند الفردوس": (٤/ ٣٣٧) وابن النجار في "تاريخه" كما في "الدر المنثور": (٦/ ٢٠٧). وفي سنده بشر بن الحسين الأصبهاني الراوي عن الزبير بن عدي متهم بالكذب، بل اتهمه أبو حاتم بالكذب على الزبير. انظر "الميزان": (٢/ ٢٦) وغيره. (٤) انظر للمسألة: "الإنصاف في مسائل الخلاف": (٢/ ٧٥٨ - ٧٨٢) لابن الأنباري، وساق السيوطي في "الأشباه والنظائر": (٣/ ١٧٣ - ١٨٧) ملخَّص مناظرة بين ابن مالك ومجد الدين الروذراوي في هذه الآية. وساق بعدها (٣/ ١٨٧ - ١٩٥) رسالة لابن هشام في هذه الآية.