وسرُّ المسألة: أن المصدرية ملحوظٌ فيها معنى الذي، كما تقدَّم بخلاف "أن".
فإن قلت فما تقول في:"كلما قمت أكرمتك" أمصدريَّة هنا، أو كافَّهٌ، أم نكرة؟.
قلتُ: هي هاهنا نكرة، وهي ظرف زمان في المعنى، والتقدير: كلَّ وقتٍ تقوم فيه أُكرِمْك.
فإن قلت: فهلَّا جعلتها كافة (١) لإضافة "كلٍّ" إلى الفعل، مُهَيئة لدخولها عليه؟.
قلت: ما أحراها بذلك لولا ظهور الظرف (٢) والوقت وقصده من الكلام، فلا يُمكن إلغاؤه مع كونه هو المقصود، ألا ترى أنك تقول:"كل وقت يَفْعل كذا أفعل كذا"، فإذا قلت:"كلما فعلْت فعلْتُ"، وجدت معنى الكلامين واحدًا، وهذا قول أئمة العربية وهو الحق.
فصل (٣)
قال أبو القاسم السهيلي (٤): "اعلم أن "ما" إذا كانت موصولة بالفعل الذي لفظه: "عَمل أو صَنَع فعل"، وذلك الفعل مضاف إلى فاعل غير الباري -سبحانه- فلا يصح وقوعُها إلا على مصدر؛ لإجماع العقلاء من الأنام، في الجاهلية والإسلام، على أن أفعال الآدميين لا تتعلق بالجواهر والأجسام، لا تقول: "عملت جملًا، ولا
(١) سقطت من (ظ ود). (٢) سقطت من (ق). (٣) (د): "فائدة". (٤) في "نتائج الفِكْر": (ص/ ١٨٩ - ١٩٢).