وقال النووي رحمه الله:"أولو الأحلام والنهى": هم العقلاء، وقيل: البالغون. و"النُّهَى" -بضم النون-: العقول، فعلى قول من يقول:"أولو الأحلام": العقلاء، يكون اللفظان بمعنى، فلَمَّا اختلف اللفظ عُطِف أحدهما على الآخر تأكيداً، من باب قوله: وَألْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنًا. وذلك أن تغاير اللفظ يقوم مقام تغاير المعنى، وهو كثير في الكلام (١).
وعلى الثاني: معناة البالغون العقلاء. قال أهل اللغة: واحدة النُّهَى نُهْية -بضم النون- وهي العقل، ورجل نَهٍ -بفتح، فكسر- من قوم نَهِينَ، ونَهِيٌّ -بفتح، فكسر، فياء مشددة- من قوم أنْهِيَاء، ويقال: نه -بكسرتين- للإتباع (٢). وسُمِّي العقلُ نُهْية؛ لأنه يُنتَهَى إلى ما أمَرَ به، وَلا يُتَجاوَزُ. وقيل: لأنه يَنْهَى عن القبائح.
قال أبو علي الفارسي: يجوز أن يكون النُّهَى مصدراً، كالهُدَى، وأن يكون جمعاً كالظُّلَمِ، قال: والنُّهَى في اللغة معناه الثبات، والحبس، ومنه النِّهْيُ، والنَّهْي -بكسر النون، وفتحها- والنُّهْيَة للمكان الذي يَنْتَهِي إليه الماء، فيستنقع. قال الواحدي: فرجع القولان في اشتقاق النهية إلى قول واحد، وهو الحبس، فالنُّهْيَة هي التي تَنْهَى،
(١) انظر تحفة الأحوذي جـ ٢ ص ١٩. (٢) انظر اللسان جـ ٦ ص ٤٥٦٦.