الله تعالى عنهما (قَالَ: لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْحَرِيرَ) قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: هَذَا مذهب ابن الزبير، وأجمعوا بعده عَلَى إباحة الحرير للنساء، كما سبق، وهذا الْحَدِيث الذي احتجّ به إنما ورد فِي لبس الرجال؛ لوجهين:[أحدهما]: أنه خطاب للذكور (١)، ومذهبنا، ومذهب محقّقي الأصوليين أن النِّساء لا يدخلن فِي خطاب الرجال عند الإطلاق. [والثاني]: أن الأحاديث الصحيحة التي ذكرها مسلم قبل هَذَا، وبعده صريحة فِي إباحته للنساء، وأمره -صلى الله عليه وسلم- عليًّا، وأسامة بأن يكسواه نساءهما مع الْحَدِيث المشهور أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فِي الحرير والذهب:"إن هذين حرام عَلَى ذكور أمتي، حِلّ لإناثها". انتهى "شرح مسلم" ١٤/ ٤٤ - ٤٥.
(فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ) -رضي الله عنه- (يَقُولُ: قَالَ رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ لَبِسَهُ) أي الحرير (فِي الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ") زاد فِي "الكبرى" -كما تقدّم-: قَالَ ابن الزبير: منْ لبسه فِي الدنيا لم يدخل الجنة، قَالَ الله تعالى:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}[الحجّ: ٢٣]. قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: وهذا منه -رضي الله عنه- استنباط لطيفٌ، لكن دلالة هَذَا الكلام عَلَى الحصر غير لازم. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عمر -رضي الله عنه- هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٩٠/ ٥٣٠٧ - وفي "الكبرى" ٨٦/ ٩٦٢٢. وأخرجه (خ) فِي "اللباس" ٥٨٣٤ (م) فِي "اللباس" ٢٠٨٩. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
(١) أراد الخطاب الواقع فِي سياق مسلم رحمه الله تعالى، ونصّه: ٣٨٥٦ - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبيد بن سعيد، عن شعبة، عن خليفة بن كعب أبي ذبيان، قَالَ: سمعت عبد الله بن الزبير يخطب، يقول: ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تلبسوا الحرير، فإنه منْ لبسه فِي الدنيا لم يلبسه فِي الآخرة".