وفي "حاشية" ابن عابدين عَلَى "الدرّ المختار": الصيد مصدر صاده: إذا أخذه، فهو صائد، وذاك مَصِيدٌ، ويُسمّى المصِيد صيدًا، فيجمع عَلَى صُيُود، وهو كلّ ممتنع، متوحّشٍ طبعًا، لا يُمكن أخذه إلا بحيلة. اهـ مغرب. فخرج بـ"الممتنع" مثل الدجاج والبَطّ، إذ المراد منه أن يكون له قوائم، أو جناحان، يملك عليهما، ويقدر عَلَى الفرار منْ جهتهما. وبـ"المتوحّش" مثل الْحَمَام، إذ معناه أن لا يألف النَّاس ليلًا، ونهارًا. وبـ"طبعًا" ما يتوحّش منْ الأهليّات، فإنها لا تحلّ بالاصطياد، وتحِلّ بذكاة الضرورة، ودخل متوحّشٌ يألف، كالظبي، لا يمكن أخذه إلا بحيلة، أي فإنه وإن كَانَ مما يألف بعد الأخذ، إلا أنه صيد قبله، يحلّ بالاصطياد، ودخل فيه ما لا يُؤكل اسحمه. انتهى كلام ابن عابدين رحمه الله تعالى ببعض اختصار (١).
وَقَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: الأصل فِي جواز الصيد عَلَى الجملة الكتاب، والسنّة، وإجماع الأمّة، فأما الكتاب فقوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآية [المائدة: ٤]، أي وصيد ما علّمتم، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} الآية [المائدة: ٩٤]، وقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}[المائدة: ٩٦]. وأما السنّة فالأحاديث الآتية الصحيحة، وأما الإجماع فإنه قد أجمع أهل العلم عَلَى إباحة الاصطياد، والأكل منْ الصيد.
والصيد ذكاة فِي المتوحّش طبعًا، غير المقدور عليه، المأكول نوعه، والنظر فيه فِي الصائد، والْمَصِيد، والالة التي يُصاد بها، ولكلّ منها شروطٌ يأتي بيانها أثناء النظر فِي الأحاديث الآتية، إن شاء الله تعالى. انتهى كلام القرطبيّ ببعض تصرّف (٢).