(فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا) وفي رواية البخاريّ: "فهمّوا، وجعل بعضهم يمسك بعضًا"، وفي رواية: "فلما همّوا بالدخول فيها، فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض"، وفي رواية عند ابن جرير: "فقال لهم شابّ منهم: لا تعجلوا بدخولها" (وَقَالَ الآخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا) أي منْ النار بالإيمان، فكيف ندخلها؟. وزاد فِي رواية البخاريّ: "فما زالوا حتى خَمَدت النار، فسكن غضبه"، وفي رواية: "فبينما هم كذلك إذ خمدت النار". و"خمد" بفتح الميم، وحكى المطرّزيّ كسرها (١) -: أي طفىء لهبها.
وقوله: "فسكن غضبه" هَذَا أيضًا يخالف حديث أبي سعيد الخدريّ، فإن فيه "أنه كانت به دُعَابة، وفيه أنهم تحجّزوا حتى ظنّ أنهم واثبون فيها، فقال: احبسوا أنفسكم، فإنما كنت أضحك معكم". وهذا كلّه يؤيّد تعدد الواقعة. والله تعالى أعلم.
(فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية: "فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم" (فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أن يَدْخُلُوهَا: "لَوْ دَخَلْتُمُوهَا، لَمْ تَزَالُوا فِيهَا، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: هَذَا مما علمه صلّى الله تعالى عليه وسلم بالوحي، وهذا التقييد بيوم القيامة مبيّن للرواية المطلقة بأنهم لا يخرجون منها لو دخلوها.
= الطريق، قَالَ: وأوقد القوم نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم، أو يصطلون، قَالَ: فقال لهم: أليس لي عليكم السمع والطاعة؟ قالوا: بلى، قَالَ: فما أنا بآمركم بشيء، إن صنعتموه، قالوا: بلى، قَالَ: أعزم عليكم بحقي وطاعتي، لَمَا تواثبتم فِي هذه النار، فقام ناس، فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واثبون، قَالَ: احبسوا أنفسكم، فإنما كنت أضحك معكم، فذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، بعد أن قدموا، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ أمركم منهم بمعصية، فلا تطيعوه". (١) وفي "القاموس": خمدت النار، كنصر، وسَمِعَ خمدًا، وخُمُودًا: سكن لهَبُها، ولم يُطأ جمرها. اهـ.