الوجود؟. قال: والجواب أن قتله - صلى اللَّه عليه وسلم - له اعتباران كونه كفرًا، واعتبار كونه سببًا لثواب الشهداء، وإنما تمنّاه من هذه انتهى (١).
وقال في "الفتح": استشكل بعض الشّرّاح صدور هذا التمنّي من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مع علمه بأنه لا يقتل. وأجاب ابن التين بأن ذلك لعلّه كان قبل نزول قوله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} الآية. وهو متعقّبٌ، فإن نزولها كان في أوائل ما قَدِم المدينةَ، وهذا الحديث صرّح أبو هريرة - رضي اللَّه عنه - بأنه سمعه من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإنما قَدِمَ أبو هريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة. والذي يظهر في الجواب أن تمنّي الفضل والخير لا يستلزم الوقوع، فقد قال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "وددت لو أن موسى صبر … "، ونظائر ذلك، وكأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد، وتحريض المسلمين عليه. قال ابن التين: وهذا أشبه. قال الحافظ: وحكى شيخنا ابن الملقّن أن بعض الناس زعم أن قوله: "لوددت" مدرج من كلام أبي هريرة. قال: وهو بعيد. انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٣/ ٣٠٩٩ و ٣٠/ ٣١٥٢ و ٣١٥٣ - وفي "الكبرى" ٣/ ٤٣٠٦ و ٢٦/ ٤٣٥٩ و ٤٣٦٠. وأخرجه (خ) في "الإيمان" ٣٦ و"الجهاد" ٢٧٩٧ و ٢٨٠٣ "التمنّي" ٧٢٢٦ و ٧٢٢٧ (م)"الإمارة" ١٨٧٦ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ٧٢٩٨ و ٢٧٣٤٧ و ٢٧٥٤٨ و ٩١٩٢ و ١٠١٦٥ (الموطأ) في "الجهاد" ٩٩٩ و ١٠١٢. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان الرخصة في التخلّف عن السريّة بسبب العذر. (ومنها): الحضّ على حسن النيّة. (ومنها): بيان شفقة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على أمته، وشدّة رأفته بهم، كما وصفه اللَّه تعالى بذلك في قوله تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.