القريبة العهد بالنتاج، أو التي هي ذات اللبن، جمعها لِقَحٌ، مثلُ سِدْرة وسِدَر،، أو مثلُ قَصْعة، وقِصَع (خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ، وَالْأوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) هذا تفسيرٌ من مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كما صرّح بذلك ابن الجارود في "المنتقى"، ولفظه: قال مالكٌ: والأوقيّة أربعون درهمًا (١)(فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسأَلْهُ) فيه دليل على قوّة فهمه بغيره (فَقُدِمَ) بضمّ القاف، وكسر الدال (٢) بالبناء للمفعول، ويحتمل أن يكون بالبناء للفاعل، والفاعل "شعير"(عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ شَعِيرٌ وَزَبِيبٌ، فَقَسَّمَ لَنَا مِنْهُ) أي أعطانا بعضه (حَتَّى أَغْنَانَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-) أي عن السؤال بما قسمه لهم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - من دون مسألة، أو بغير ذلك مما فتحه اللَّه تعالى عليهم من خيراته. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث رجل من بني أسد - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه-٩٠/ ٢٥٩٦ - وفي "الكبرى" ٩٢/ ٢٣٧٧. وأخرجه (د) في "الزكاة" ١٦٢٧ (أحمد) في "مسند المدنيين" ١٥٩٧٦ وفي "باقي مسند الأنصار" ٢٣١٣٦ و (الموطأ) في "كتاب الجامع" ١٨٨٤. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما بوّب له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو أنه إذا لم يكن عند الشخص أربعون درهما، ولكن عنده ما يعادلها قيمة من غير النقود كان كمن عنده أربعون درهمًا، فلا يحلّ له أن يسأل الناس (ومنها): ما كان عليه بعض الأعراب من الجهل بمقام رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وغلظة الطبيعة، وجفاء السلوك، كما أخبر اللَّه تعالى عنهم بقوله:{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} الآية (ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من الحلم، والصفح، والعفو، والإعراض عن الجاهلين، عملًا بقوله تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}(ومنها): ما كان عليه الصحابة من الصبر على الإقلال، وقلّة ذات اليد (ومنها): ما كان عليه الصحابة من قوّة الفهم، وشدّة الحزم والعزم، فإن هذا الصحابيّ جاء إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يسأله في حاجة له، فلما سمع منه الموعظة اتعظ، وأعرض عن
(١) - راجع "المنتقى" لابن الجارود ص ١٣٣. (٢) - انظر الضبط في "شرح الزرقاني" ج ٤ ص ٤٢٦.