إن أعطيتها اليتيم؟ قال:"نعم"، فقال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "كم من عذق معلّق في الجنة لأبي الدحداح". قال: والعذق بكسر العين المهملة: هو الغصن من النخلة، وأما العَذْق بفتحها، فهو النخلة بكمالها، وليس مرادا هنا انتهى (١).
وقد ذكر الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قصة أبي الدحداح في "مسنده" على غير هذا الوجه، فقال:
١٢٠٧٣ - حدثنا حسن، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن رجلا قال: يا رسول اللَّه، إن لفلان نخلة، وأنا أقيم حائطي بها، فأْمُره أن يعطيني، حتى أقيم حائطي بها، فقال له النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أعطها إياه بنخلة في الجنة"، فأبى، فأتاه أبو الدحداح، فقال: بعني نخلتك بحائطي، ففعل، فأتى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: يا رسول اللَّه، إني قد ابتعت النخلة بحائطي، قال: فاجعلها له، فقد أعطيتكها، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "كم من عذق راح (٢)، لأبي الدحداح، في الجنة"، قالها مرارا، قال: فأتى امرأته، فقال: يا أم الدحداح، اخرجي من الحائط، فإني قد بعته، بنخلة في الجنة، فقالت: ربح البيع، أو كلمة تشبهها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث جابر بن سمرة - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٩٥/ ٢٠٢٦ - وفي "الكبرى" ٩٥/ ٢١٥٤ - وأخرجه (م) ٢٢٣٥ و ٢٢٣٦ (ت) ١٠١٣ و ١٠١٤ (أحمد) ٢٠٣٢٣. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما بوّب له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى-، وهو جواز الركوب عند الانصراف من صلاة الجنازة. قال النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: فيه إباحة الركوب في الرجوع عن الجنازة، وإنما يكره الركوب في الذهاب معها انتهى (٣).
وقد تقدّم بيان اختلاف العلماء في حكم الركوب مع الجنازة في -٥٥/ ١٩٤٢ - باب "مكان الراكب من الجنازة"، وأن الراجح أنه لا يكره الركوب، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
(١) - "شرح مسلم" ج ٧ ص ٣٧ - ٣٨. (٢) - هكذا نسخة "المسند"، والذي في "الإصابة" ج ١١ ص ٢١٣ - : "رداح"، وكتب في هامشه: "رداح" -بفتح الراء، أي ثقيل مليء بالرطب. (٣) - "شرح مسلم" ج ٧ ص ٣٨ - ٣٩.