تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ - يُرِيدُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ؟ قَالَ كَذَا وَكَذَا"، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَيْ (١) رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ (٢) عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ (٣)، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ (٤) بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ (٥) الْآيَةَ، وَقَالَ: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ (٦)، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَأَوَّلُ فِي الْعَفْوِ عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ (٧) الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ، فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
(١) لأبي ذر عن الحموي والمستملي: "يَا رَسُول اللَّهِ".(٢) لأبي ذر عن الكشميهني: "الْبُحَيْرَةِ".البحرة: أي: مدينة الرسول ﷺ. والعرب تسمي المدن والقرى البحار. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: بحر).(٣) لأبي ذر عن الحموي والمستملي: "بِعِصَابَةٍ".(٤) شرق: غص، فشبه ما أصابه من فوات الرئاسة بالشرق. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: شرق).(٥) [آل عمران: ١٨٦].(٦) [البقرة: ١٠٩].(٧) صناديد: هم أشراف القوم وعظماؤهم ورؤساؤهم. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: صند).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute