وعن جابر رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُهلين بالحج، معنا النساء والولدان، فلما قدمنا مكة طُفنا بالبيت والصفا والمروة، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يكن معه هديٌ فليحلُل "، قال: قلنا: أي الحل؟! قال:"الحلُ كله". قال: فأتينا النساء، ولبسنا الثياب ومَسَسنا الطيب، فلما كان يومُ التروية أهللنا بالحج " (٢) رواه مسلم.
وفي رواية له قال: "قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم وأبرُّكم، ولولا هديي لأحللت كما تُحلون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم اسق الهديَ، فَحِلُّوا"(٣) . فحللنا وسَمِعنا وأطعنا ".
فهذا صريح في تفضيل التمتع على غيره من الأنساك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسُق الهدي " (٤) ، ولم يمنعه من الحل إلا سوقُ الهدي، ولأن التمتع أيسر على الحاج، حيث يتمتع بالتحلل بين الحج والعمرة، وهذا هو الذي يوافق مُراد الله عز وجل حيث قال سبحانه:(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٥) ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بُعِثتُ بالحنيفية السمحة" (٦) .
(١) البخاري، كتاب الحج، باب قوله تعالى:"ذلك لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام". (٢) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (١٢١٨) . (٣) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (١٢١٨) . (٤) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (١٢١٨) . (٥) سورة البقرة، الآية: ١٨٥. (٦) رواه الإمام اْحمد (٦/١١٦ و ٢٣٣) عن عائشة، وحسنه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (٢١٤) والمناوي في "فيض القدير" (٣/٢٠٣) .