فى حرمة مكة فى كل الأمور، ورد على أبى حنيفة. وقد جاء فى الحديث الآخر: " لا يختلى خلاها " كما قال فى مكة.
وقوله: " لا يخبط فيها شجرة إلا لعلف ": حجة على جواز أخذ الورق للعلف، وإنه بخلاف قطع الأغصان، وخبطها ليتكسر حطباً، ولم يقع هذا الاستثناء فى حديث تحريم مكة، ويفسر هذا الاستثناء - والله أعلم - الحديث الآخر: " لا يخبط ولا يعضد، ولكن يهش هشاً رفيقاً "، والهش: تحريك الغصن ليسقط ورقه [قال صاحب العين، وقال غيره: هو خبط الشجر بالعصا ليسقط ورقه](١)، قال الله تعالى:{وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي}(٢) على ظاهره، ومعناه: لا تخبط لتكسر أغصانها، ولا يجوز أن يؤخذ منها إلا أن يحرك أو يضرب ضرباً رفيقاً لأخذ الورق للعلف.
وقوله: " ما من المدينة شِعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها ": فيه فضل المدينة وحمايتها فى حياة النبى - عليه السلام - من العدو. والشِعب بكسر الشين: هو ما انفرج ما بين الجبلين. وقال يعقوب: هو الطريق فى الجبل. والنقَبُ، بفتح النون وضمها، مثله. وقيل: الطريق على رأس الجبل.
قال الإمام: قال الأخفش: أنقاب المدينة طرقها وفجاجها.
قال القاضى: وقوله: " ارتحلوا ": فيه ما كان عليه - عليه السلام - من مساعدة المسلمين والتيسير عليهم فى أمورهم.
وقوله: " فما وضعنا رحالنا حين دخلنا المدينة، حتى أغار علينا بنو عبد الله بن غطفان، وما يهيجهم قبل ذلك بشىء ": يعنى أن المدينة فى مغيبهم لم يحركهم عدو ولا
(١) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش بسهم. (٢) طه: ١٨.