وإنَّما هلكت بنو إسرائيل لأنهم كانوا إذا رأى أحدُهم صاحبَه على منكر لم يمنعه ذلك أن يكون خَلِيطَه وشَرِيبَه وأَكِيلَه.
ومن الثابت الصحيح: أن أبا بكر الصديق قال: "أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥] وإني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: إنَّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يَعُمَّهم الله بعقاب من عنده"(١).
وثبت عن النبي ﷺ في الحديث الصحيح: أنه ﷺ قال: "من رأى منكم منكرًا فليُغَيِّرْهُ بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"(٢).
ومن الحديث الحسن: أن النبي ﷺ(٣) قال لأبي ثعلبة الخُشَنِي في ذلك قولًا بديعًا، قال أبو أمَيَّةَ الشَّعْبَانِي: "أتيتُ أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾؟ فقال: أما والله لقد سألتَ عنها خبيرًا، سألتُ عنها (٤) رسول الله فقال (٥): ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيتَ شُحًّا مُطَاعًا، وهَوًى مُتَّبَعًا، ودنيا مُؤْثَرَةً، وإعجابَ كل ذي
(١) أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب الفتن عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في نزول العذاب إذا لم يغيَّر المنكر، رقم: (٢١٦٨ - بشار). (٢) سبق تخريجه. (٣) في (ك): صلى الله عليه. (٤) سقطت من (د). (٥) بعده في (ك) و (ص) و (ب): بل، وضرب عليه في (د).