والقول بأن هناك فرقاً بين القراءتين هو الراجح لأسباب، منها:
١ - أنَّ معظم العلماء يرون ذلك، والذين قالوا بعدم التفريق هدفهم أن يسلم لهم ما يرونه في هذه المسألة (١) من الناحية الفقهية (٢).
٢ - أنَّه لا يُقَالُ:(اطَّهرت المرأة) بمعنى انقطع دمها، كما لا يُقَالُ (قَطَّعَ) مُشَدَّدًا بمعنى (قَطَعَ) مُخَفَّفًا، وإنّما التشديدُ بمعنى تكثير التخفيف (٣).
٣ - أنَّ (التطهّر) لا يُستعمل إلا فيما يكتسبه الإنسان ويتكلّفه وهو الاغتسالُ بالماء، فأمّا انقطاعُ الدمِ فلَيْسَ بِمُكتَسَبٍ (٤).
٤ - أنَّ اختلاف المعنيين إذا لم يحصل منه تضادٌ أولى؛ لتكونَ الكلمةُ الثانيةُ مفيدةً شيئاً جديدًا (٥).
(١) ينظر: استدراكات ابن عطية على الطبري، لشايع الأسمري (ص: ٢٠٤). (٢) لأن الحنفية جعلوا قراءة التخفيف دليلاً لهم على جواز غشيان المرأة بعد انقطاع دمها لأكثر مدة الحيض وإن لم تغتسل، والجمهور على المنع إلا بعد الاغتسال. ينظر: المبسوط، للسرخسي (٢: ١٦)، أحكام القرآن، لابن العربي (١: ٢٢٨). (٣) ينظر: أحكام القرآن، لابن العربي (١: ٢٢٨)، لسان العرب، لابن منظور (٤: ٥٠٥). (٤) ينظر: أحكام القرآن، لابن العربي (١: ٢٣١). (٥) ينظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢: ٣٦٧).