لقوله:{وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، فكرر لام الجر لَمّا كانت الأولى مجرورة باللام؛ ليبين أن البدل إنما هو منها". اهـ (١)
وقال السمينُ الحلبيّ: "قوله: {لِلْفُقَرَاءِ}: فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه بدلٌ مِن {لذِي القُربى}، قاله أبو البقاء والزمخشري.
قال أبو البقاء:"قيل هو بدلٌ مِن {وَلِذِي الْقُرْبَى} وما بعده" اهـ (٢)، وقال الزمخشري:"بدلٌ مِن قوله: {وَلِذِي الْقُرْبَى} وما عُطِف عليه، والذي مَنَعَ الإِبدالَ من {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} والمعطوفِ عليهما وإنْ كان المعنى لرسول الله: أنّ اللهَ - عزَّ وجلَّ- أخرجَ رسوله من الفقراءِ في قولِه:{وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، وأنه - تعالى- يترفَّعُ برسوله عن تسميته بالفقير، وأنَّ الإبدالَ على ظاهرِ اللفظ مِن خلافِ الواجب في تعظيم الله - عزَّ وجلَّ-". اهـ (٣)
يعني لو قيل: بأنَّه بَدَلٌ مِنْ {لله} وما بعدَه لَزِمَ فيه ما ذُكِرَ: مِن أنَّ البدلَ على ظاهرِ اللفظِ يكونُ من الجلالةِ فيُقال: {لِلْفُقَرَاءِ} بدلٌ مِنْ {لله} ومِن {للرَّسُولِ} وهو قبيحٌ لفظاٌ، وإن كان المعنى على خلافِ هذا الظاهرِ، كما قال: إن معناه لرسولِ الله، وإنما ذُكر اللهُ - عزَّ وجلَّ- تفخيماً، وإلاَّ فاللهُ - تعالى- غنيٌّ عن الفَيْءِ وغيره، وإنما جعله بدلاً مِنْ {لذي القُرْبى} لأنه حنفيٌّ، والحنفية يشترطون الفقرَ في إعطاءِ ذوي القُربى مِن الفَيْءِ.
الثاني: أنه بيانٌ لقولِه: {وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، وكُرِّرتُ لامُ الجر لَمَّا كانت الأُولى مجرورةً باللام؛ ليُبَيِّنَ أنَّ البدلَ إنما هو منها، قاله ابنُ عطية، وهي عبارةٌ قَلِقَةٌ جداً.
(١) المحرر الوجيز (٥: ٢٨٧). (٢) التبيان في إعراب القرآن (٢: ١٢١٥). (٣) تفسير الزمخشري (٤: ٥٠٣).