وهذا القول موافق لما جاء عن السلف في تفسير الآية (١)، فعن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-: الكتاب الذي في السَّماء لا يمسهُ إلا الملائكة. (٢)
وفي رواية أخرى عنه قال: إذا أراد الله أن ينزل كتابًا نسخته السَفَرَة، فلا يمسه إلا المطهرون، يعني الملائكة. (٣)
وقال الإمام مالك:" أحسنُ ما سمعت في هذه الآية: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩] إنَّما هي بمنزلة هذه الآية التي في {عَبَسَ وَتَوَلَّى}[عبس: ١]، قولُ اللَّهِ -تباركَ وتعالى-: ... {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦)} [عبس] ". اهـ (٤)
فهذا من قول مالك يدل على أنه نفي والجملة خبرية. (٥)
ويؤيد القول بالنفي قراءةُ عبد الله بن مسعود:(ما يمسه)؛ ما: نافية.
قال الواحدي:" أكثر المفسرين على أن الكناية في قوله: {لَا يَمَسُّهُ} تعود إلى الكتاب المكنون، و {الْمُطَهَّرُونَ} هم الملائكة". اهـ (٦)
(١) منهم: أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير. ينظر: تفسير الطبري (٢٣: ١٤٩)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (١١: ٧٢٩١)، زاد المسير، لابن الجوزي (٤: ٢٢٨)، الدر المنثور، للسيوطي (٨: ٢٦). (٢) تفسير الطبري (٢٣: ١٤٩)، الدر المنثور، للسيوطي (٨: ٢٦). (٣) تفسير الطبري (٢٣: ١٥٠)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (١١: ٧٢٩١). (٤) الموطأ- تحقيق: عبد الباقي- (١: ١٩٩). (٥) ينظر: الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (١١: ٧٢٩٢). (٦) التفسير الوسيط (٤: ٢٣٩).