أمّا تأنيث الضمير في قوله:{فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} ثم تذكيره في قوله: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ} ... فذلك لأنه عائد على الشجر وهو اسم جنس؛ يجوز تذكيره وتأنيثه، وقيل: التأنيث أولاً باعتبار المعنى، والتذكير ثانيًا باعتبار اللفظ (١).
قال الطبري:"والصواب من القول في ذلك عندنا القول الثاني، وهو أن قوله:{فَمَالِئُونَ مِنْهَا} مراد به من الشجر؛ أنّث للمعنى، وقال:{فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ} مذكرًا؛ للفظ الشجر". اهـ (٢)
وقال الزمخشري:"وأنّث ضمير الشجر على المعنى، وذكّره على اللفظ في قوله:{مِنْهَا} و {عَلَيْهِ}، وإنما ذكّر الثاني على تأويل الزقوم، لأنه تفسيرها وهي في معناه". اهـ (٣)
والراجح: عوْدُ الضمير على شجر الزقوم؛ لأنّ ذلك مأخوذ مِن ظاهر اللفظ كما هو:{مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ}، بخلاف عوده على الأكل؛ فذلك مستفاد من قوله:{لَآكِلُونَ}، ولأنَّ الشرب على المأكول لا على تناوله (٤)، وجعْل الشرب على الأكل - المصدر- هو مِن باب المجاز (٥).
ومما يُضعف عَوْده على الأَكْل: تصريحُ البعض بأنّ ذلك على تأويل المصدر باسم المفعول، فهو بذلك يدخل في القول الراجح وهو عوده على شجر الزقوم - المأكول-.
(١) ينظر: معانى القرآن للأخفش (٢: ٥٣٢)، تفسير الطبري (٢٣: ١٣٤)، تفسير الزمخشري (٤: ٤٦٣)، تفسير القرطبي (١٧: ٢١٤)، الدر المصون (١٠: ٢١٠)، روح البيان، لإسماعيل حقي (٩: ٣٣٠). (٢) تفسير الطبري (٢٣: ١٣٤). (٣) تفسير الزمخشري (٤: ٤٦٣). (٤) ينظر: تفسير الآلوسي (١٤: ١٤٥). (٥) ينظر: حاشية الشهاب علي تفسير البيضاوي (٨: ١٤٤).