فالذي يظهر أنّ وقوع خبر (إنّ) جملة طلبية جائز على قِلَّتِه.
ثالثاً: الترجيح:
الراجح أنَّ قوله:{الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} اسم {إنّ}، وخبرها {عُصْبَةٌ}، وهذا هو الظاهر.
أمّا قول ابن عطية بأنّ قوله:{لَا تَحْسَبُوهُ} هو خبر {إنّ}، فهو قول بعيد، لما يلي:
١ - أنه مُفتقر إلى تقدير ليصح به التركيب الكلامي (١)، بخلاف قول الجمهور فهو متسق مع ظاهر الآية ولا تقدير فيه.
وتقدير الكلام عند ابن عطية: إنّ فِعْل الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم (٢)، وهذا التقدير فيه تكلف ولا حاجة إليه.
٢ - أنّ قوله:{الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} اسم {إنّ}، فيترجح أن يكون الخبر عن الذين جاءوا بالإفك لا عن الإفك ذاته، وعليه فالخبر:{عُصْبَةٌ مِنْكُمْ}، ولو وقف القارئ هنا فالجملة صحيحة مشتملة على اسم {إن} وخبرها، وقد أفادت معنى.
وفائدة الإخبار عنهم بأنهم عصبة: التسلية بأنّ الذين جاءوا بذلك الإفك فرقة متعاونة وذلك مِن أمارات كونه إفكًا لا أصل له، وقيل: الأَوْلى أن تكون التسلية بأن ذلك مما لم يُجمع عليه بل جاء به شرذمة منكم (٣).