أحدها: أن المضارع {وَيَصُدُّونَ} لا يُراد به الحال والاستقبال، بل يراد به استمرار حدوث الفعل منهم، وهو الصد، وذلك مثل قوله- تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ}[الرعد: ٢٨]. (١)
قال الطبري:"عطف بـ {وَيَصُدُّونَ} وهو مستقبل على {كَفَرُوا} وهو ماض؛ لأن الصدّ بمعنى الصفة لهم والدوام، وإذا كان ذلك معنى الكلام، لم يكن إلا بلفظ الاسم أو الاستقبال، ولا يكون بلفظ الماضي، وإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: إن الذين كفروا من صفتهم الصدّ عن سبيل الله، وذلك نظير قول الله:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ}[الرعد: ٢٨] ". اهـ (٢)
الثاني: أنّ {وَيَصُدُّونَ} مضارع أريد به الماضي (٣)، أي: ما مضى من الصدِّ، والتقدير: إن الذين كفروا وصدّوا.
قال البغوي: عَطَفَ المستقبل على الماضي؛ لأنَّ المراد مِن لفظِ المستقبل الماضي، كما قال - تعالى- في موضع آخر:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[محمد: ١] ". اهـ (٤)
(١) ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (٤: ٥٤٤)، تفسير البيضاوي (٤: ٦٩)، الدر المصون (٨: ٢٥٥)، تفسير أبي السعود (٦: ١٠٣)، فتح القدير، للشوكاني (٣: ٥٢٨)، تفسير الآلوسي (٩: ١٣٢)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين درويش (٦: ٤١٩). (٢) تفسير الطبري (١٨: ٥٩٧). (٣) ينظر: غرائب التفسير، للكرماني (٢: ٧٥٦)، تفسير البغوي (٣: ٣٣٣)، كشف المشكلات، للباقولي (ص: ٥٤٠)، الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (٤: ٥٤٤)، فتح القدير، للشوكاني (٣: ٥٢٨)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين درويش (٦: ٤١٩). (٤) تفسير البغوي (٣: ٣٣٣).