وقد نصّ جمهور المفسرين على أنّ معنى قوله:{لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا}[الإسراء: ٦١]: لمن خلقته مِن طين (١).
ويجوز أن يكون قوله:{طِينًا} حال دالة على الأصالة (٢)، أي: متأصلاً مِن طين،
وهذا صحيح مِن ناحية الصناعة النحوية، وكذا مِن ناحية المعنى، فمعنى كونه متأصلاً مِن طين، أي: أصله وبداية خلقته مِن طين، وقد قال - تعالى-: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ}[السجدة: ٧].
أمّا القول بأنّ {طِينًا} منصوب على التمييز - وهو قول ابن عطية- فهو أضعف الأقوال (٣)؛ لأنه لم يتقدم إبهام ذات ولا نسبة -كما قال السمين-، فهذا الوجه ضعيف من
(١) ينظر: تفسير يحيى بن سلام (١: ١٤٧)، تفسير القرآن العزيز، لابن أبي زمنين (٣: ٢٩)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (٦: ٤٢٣٨)، تفسير البغوي (٣: ١٤٢)، تفسير القرطبي (١٠: ٢٨٧). (٢) ينظر: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي (٢: ٦٩٤)، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، لابن هشام (٢: ٢٥٥)، جامع الدروس العربية، للغلاييني (٣: ٨٥). (٣) ينظر: الدر المصون (٧: ٣٧٨)، تفسير الآلوسي (٨: ١٠٣)، أضواء البيان، للشنقيطي (٣: ١٦٦)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين الدرويش (٥: ٤٦٧).