والحذف خلاف الأصل (١)؛ فلا حاجة للقول بأنه هناك مضافًا محذوفًا طالما كانت العبارة صحيحة بدون تقدير مضاف.
والعِنْدِيّة كما في قوله:(عِنْدَ رَبِّهِمْ) المراد بها القُرب (٢)، فهي متضمنة لمعنى الكرامة دون الحاجة لتقدير مضاف.
وقد وردت العِنْدِيّة كثيرًا في القرآن وفي موضوعات مختلفة، كما في قوله عن الملائكة:{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ}[الأعراف: ٢٠٦]، وقوله:{وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ}[الأنبياء: ١٩]، وقوله:{فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}[فصلت: ٣٨]، وهذا كله في قُرب الملائكة مِن الله - عز وجل-.
وقد ذكر الفخر الرازي فائدة في عندية الشهداء وعندية الملائكة، فقال:" (عِنْدَ) فكما أنه مذكور هاهنا فَكَذَا في صفة الملائكة مذكورٌ، وهو قوله:{وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ}[الأنبياء: ١٩]، فإذا فهمت السعادة الحاصلة للملائكة بكونهم عند الله، فهمت السعادة الحاصلة للشهداء بكونهم عند الله، وهذه كلمات تفتح على العقلِ أبوابَ معارفِ الآخرة". اهـ (٣)
* * *
(١) ينظر: مغني اللبيب، لابن هشام (١: ٨٠٢)، البرهان، للزركشي (٣: ١٠٤)، الإتقان، للسيوطي (٣: ٢٠٠). (٢) ينظر: التفسير الوسيط، للواحدي (١: ٥٢١)، تفسير أبي السعود (٢: ١١٢)، تفسير السعدي (١: ١٥٧). (٣) تفسير الفخر الرازي (٩: ٤٢٨).