قال أبو حيان:"واللام في {وَلَمَنِ انْتَصَرَ} ... لام توكيد". اهـ (١)
وكلا القولين بينهما اشتراك مِن وجهين:
١ - التوكيد؛ فلام الابتداء معناها توكيد الكلام، وكذلك لام القسم (٢).
وقد بيّن الزَّجَّاجي (٣) أن اللفظ بهما سواء ولكن بالمعنى يستدل على القصد، وقال:" إذا وقع بعدها المستقبل ومعه النون الثقيلة أو الخفيفة فهي لام القسم، ذُكر القسم قبلها أو لم يُذكر"، ثم قال:"وكذلك كل ما كان عليه دليل من هذا النوع حُمل على القسم، وما لم يكن فيه دليل فاللام فيه لام الابتداء، والمعنى بينهما قريب؛ لاجتماعهما في التوكيد والتحقيق". اهـ (٤)
٢ - أن لام الابتداء من حروف المعاني الغير عاملة، وكذلك لام القسم غير عاملة (٥).
والراجح - والله أعلم- أنها لام الابتداء التوكيدية؛ لأن ظاهر نظم الآية لا يدل على القسم، ولم يُشِر المفسرون إلى أن هناك قسم مقدّر في الآية.
وعليه: فاستدراك السمين الحلبي وارد على ابن عطية.
* * *
(١) تفسير أبي حيان (٩: ٣٤٥). (٢) ينظر: اللامات، للزجاجي (ص: ٧٩)، الجنى الداني في حروف المعاني، للمرادي (ص: ١٢٤). (٣) عبد الرحمن بن إسحاق الزَّجَّاجِيّ البغداديّ، أبو القاسم، شيخ العربية، النحوي، له عدة مصنفات، منها: (الجمل الكبرى) ... و (الأمالي) و (اللامات) و (الإيضاح في علل النحو)، توفي سنة ٣٣٧ هـ. ينظر: تاريخ العلماء النحويين، للتنوخي (ص: ٣٦)، نزهة الألباء في طبقات الأدباء، للأنباري (ص: ٢٢٧)، وفيات الأعيان، لابن خلكان (٣: ١٣٦). (٤) اللامات (ص: ٧٩). (٥) حروف المعاني غير العاملة هي التي ليست ناصبة ولا جازمة ولا جارة. ينظر: الجنى الداني، للمرادي (ص: ٩٥)، الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (٢: ٢٦٥).::