وأمَّا قَوله عليه الصلاة والسلام: كُلّ سَبَبٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِع إلَّا سَبَبِي ونَسَبِي (٢).
أي: لا يَنْفَع سَبَب ولا نَسَب يَوم القِيَامَة إلَّا سَبَبِي ونَسَبِي.
ويُقَال: سَبَبُه القُرْآن، ونَسَبه الإيمان (٣).
وقَوله:(وَلَا يَتَسَاءَلُونَ)، أي: لا يَسْأَل بَعْضُهم بَعْضًا سُؤَال تَوَاصُل.
فإن قِيل: ألَيْس أنَّ الله تَعالى قَال: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ)(٤)؟
الْجَوَاب: مَا رُوي عن ابنِ عباس أنه قَال: يَوْم القِيَامَة مَوَاطِن وتَارَات، فَفِي مَوْطِن يَشْتَدّ عَليهم الْخَوْف فَتَذْهَل عُقُولُهم فَلا يَتَسَاءَلُون، وفي مَوْضِع يُفِيقُون إفَاقَة فَيَتَسَاءَلُون (٥).
(١) بحر العلوم، مرجع سابق (٢/ ٤٩٠). (٢) رواه من حديث عُمر: عبد الرزاق (ح ١٠٣٥٤)، والطبراني (ح ٢٦٣٣)، وفي الأوسط (٥٦٠٦)، ومن طريقه الضياء في المختارة (ح ١٠١)، ورواه البيهقي في الكبرى (ح ١٣١٧١)، وقال الهيثمي المجمع (٩/ ١٧٣): رواه الطبراني في الأوسط، والكبير باختصار، ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل، وهو ثقة. وقال الألباني (الصحيحة ٥/ ٥٨): صحيح بمجموع طرقه. وله شواهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ومن حديث المسور بن مخرمة. (٣) قال الأزهري: النسب يكون بالولادة، والسبب بالتزويج. (غريب الحديث، ابن الجوزي ١/ ٤٥١). وينظر: لسان العرب، مرجع سابق (١/ ٤٥٩). (٤) هكذا في المطبوع، (فَأَقْبَلَ) [الصافات: ٥٠] الآية، وهذه الآية في تحاور أهل الجنة، كما هو واضح من السياق. وأما التي في تساؤل الكفار يوم القيامة، فهي بالواو في أولها (وَأَقْبَلَ) [الصافات: ٢٧] الآية. (٥) تفسير القرآن، مرجع سابق (٣/ ٤٩١).