أي: في الدُّنيا عن الاعْتِبار وإبْصَار الْحَقّ (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ) أي: في أمْر الآخِرَة (أَعْمَى).
وقال عكرمة: جَاء نَفَرٌ مِنْ أهْل اليَمَن إلى ابن عباس فَسَألُوه عن هذه الآيَة، فَقَال اقْرَؤُوا مَا قَبْلَها:(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ)[الإسراء: ٦٦] إلى (تَفْضِيلًا)[الإسراء: ٧٠] قال ابن عباس: مَنْ كَان في هَذه النِّعَم والآيَات التي رَأى أعْمَى فَهو عن الآخِرَة التي لَم يُعَايِن أعْمَى وأضَلّ سَبِيلا.
ثم سَاق أقْوَالًا في مَعْنَى الْعَمَى في الآيَة، صَدَّرَها بِصِيغَة تَمْرِيض قِيل عَدا قَوْل الْحَسَن.
ثم قال:
وقيل: الْمَعْنَى في قَوْلِه: (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى) في جَمِيع الأقْوَال أشَدّ عَمى؛ لأنه مِنْ عَمَى القَلْب، ولا يُقَال مِثْله في عَمَى العَين (١).
وقال في مَوْضِع آخَر: مَنْ كَان في هَذه أعْمَى بِقَلْبِه عن الإسْلام فهُو في الآخِرَة في النَّار (٢).
وهَذا مَا رَجَّحَه أيضًا في تَفْسِير سُورة "طه"، وقد أحَال على مَا في "الإسراء"(٣).
[ملخص جواب القرطبي]
١ - حَشْر الكُفَّار على وُجُوهِهم عِبَارَة عن الإسْراع بِهم إلى جَهَنَّم.
٢ - يُسْحَبُون يَوْم القِيَامَة على وُجُوهِهم إلى جَهَنَّم مُبَالَغة في الْهَوَان.