وقِيل: الْمُرَاد منها عبد الله بن جبير ومَن لَزِم الْمَرْكَز مَعه حَتى قُتِلُوا (٢).
وذَكَر القرطبي الْخِلاف في سَبَب نُزُول آيَة "هود"، فقال: قيل: نَزَلَتْ في الكُفَّار … بِدَلِيل الآيَة التي بَعْدَها: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ)[هود: ١٦] أي: مَنْ أتَى مِنهم بِصِلَةِ رَحِم أوْ صَدَقَة نُكَافِئه بِها في الدُّنيا بِصِحَّة الْجِسْم وكَثْرَة الرِّزْق، لكن لا حَسَنَة له في الآخِرة …
وقيل: الْمُرَاد بِالآيَة الْمُؤمِنُون، أي: مَنْ أرَاد بِعَمَلِه ثَوَاب الدُّنيا عُجِّل له الثَّوَاب ولم يُنْقَص شَيئًا في الدُّنيا، وله في الآخِرَة العَذَاب، لأنه جَرَّد قَصْدَه إلى الدُّنيا … فالعَبْد إنَّمَا يُعْطَى على وَجْه قَصْدِه، وبِحُكْم ضَمِيره؛ وهذا أمْرٌ مُتَّفق عليه في الأُمَم بَيْن كُلّ مِلَّة.
وقيل: هو لأهْل الرِّياء.
وقيل: الآيَة عَامَّة في كُلّ مَنْ يَنْوِي بِعَمَلِه غَير الله تَعالى، كان مَعه أصْل إيمان أوْ لَم يَكُنْ.
وقال مَيمون بن مِهران: ليس أحَد يَعْمَل حَسَنة إلَّا وُفِّيَ ثَوابها؛ فإن كان مُسْلِمًا مُخْلِصًا وُفِّي فِي الدُّنيا والآخِرَة، وإن كان كَافِرًا وُفِّي في الدُّنيا.
(١) أي: في يوم أُحد، والسياق يقوي هذا القول، والعبرة بعموم اللفظ. (٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٤/ ٢٢٣) باختصار وتصرّف يسير.