واختَصَر القَوْل في آيَة "الصافات"، حَيث يَقُول فِيهَا: أي: قِفُوهُم حَتى يُسْألُوا عن أعْمَالِهم وأقْوَالِهم التي صَدَرَتْ عنهم في الدَّار الدُّنيا، كَمَا قال الضَّحاك عن ابن عَباس: يَعْنِي: احْبِسُوهم إنَّهم مُحَاسَبُون (١).
كما اقْتَصَر في آيَة "القَصص" على قَوله: (وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ): أي: لِكَثْرَة ذُنُوبِهم (٢).
وأشَار إلى كَوْن السُّؤَال في حَال دُون حَال، وذَلك في تَفْسير سُورَة "الرحمن"، إذ يَقُول: وقَوله تَعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ) وهَذه كَقَولِه تَعالى: (هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات: ٣٥، ٣٦]، فَهذا في حَال، وثَمّ حَال يُسْأل الْخَلائق عن جَمِيع أعْمَالِهم، قَال الله تعالى:(فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا يَسْألُهم: هَلْ عَمِلْتُم كذا وكذا؟ لأنه أعْلَم بِذلك مِنهم، ولَكِن يَقُول: لِمَ عَمِلْتُم كَذا وكَذا؟ فَهَذا قَول ثَانٍ.
وقال مجاهد في هَذه الآيَة: لا تَسْأل الْمَلائكَة عن الْمُجْرِمِين، بل يُعْرَفُون بِسِيمَاهم وهَذا قَوْل ثَالِث، وكَأن هَذا بَعْد مَا يُؤمَر بِهم إلى النَّار، فَذلك الوَقْت لا يُسْألُون عن ذُنُوبِهم، بل يُقَادُون إلَيها ويُلْقَون فِيها (٣).
[رأي الباحث]
الْجَمْع بين الآيَات مِنْ ثَلاثة أوْجُه:
(١) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (١٢/ ١١). (٢) المرجع السابق (١٠/ ٤٨٤). (٣) المرجع السابق (١٣/ ٣٢٦، ٣٢٧).