التَّقْدِيم والتَّأخِير "هُو أحَدُ أسَالِيب البَلاغَة؛ فَإنَّهُم أتَوا بِه دَلالة عَلى تَمَكُّنِهم في الفَصَاحَة، ومَلَكَتِهم في الكَلام وانْقِيادِه لهم. ولَه في القُلُوب أحْسَن مَوقِع، وأعْذَب مَذَاق"(١).
و "هو بَاب كَثير الفَوائد، جَمّ الْمَحَاسِن، واسِع التَّصَرَّف، بَعِيد الغَاية لا يَزال يَفتر لك عن بَدِيعَة، ويُفْضِي بك إلى لَطِيفة، ولا تَزال تَرى شِعْرًا يَرَوقُك مَسْمَعه، ويَلْطُف لَدَيك مَوقِعه، ثم تَنْظُر فَتَجِد سَبَب أنْ رَاقَكَ ولَطُفَ عندك أن قُدِّم فيه شيء وحُوِّل اللفظ عن مَكَان إلى مَكَان"(٢).
ولقد خَاطَب الله "العَرَب بِلُغَتِها ومَا تَعْرِف مِنْ أفَانِين خِطَابها ومُحَاوَرَتها، فَلَمَّا كَانَ فَنّ مِنْ كَلامِهم مَبْنِيًّا على تَقْدِيم الْمُؤخَّر وتأخِير الْمُقَدَّم؛ خُوطِبُوا بِهَذا الْمَعْنَى في كِتَابِ الله تَعالى، الذي لو فَقَدُوه مِنْ القُرآن لَقَالُوا مَا بَاله عَرِي مِنْ هَذا البَاب الْمَوْجُود في كَلامِنا الْمُسْتَحْلَى مِنْ نِظَامِنا"(٣).
والقاعِدَة في التَّقْدِيم والتَّأخِير:"أنَّ كُلّ فِعْلَين تَقَارَبا في الْمَعْنَى جَاز تَقْدِيم أيهما شِئت"(٤).