والقراءة الأخرى عطْفٌ على صلة «مَنْ» كأنه قيل: ومن عبدَ الطاغوت، وهو فعلٌ ماضٍ، وجمع رسالاته بمعنى أنه أرسل بالشرائع والأحكام، وهي رسالاتٌ كثيرة: أصولُ الشريعة وفروعها، والرسالة تدلُّ على هذا المعنى أيضاً وإن كان مفرداً.
وقوله:«كما اعتلا صفا» أشار به إلى ظهور المعنى، واعتلائه وصفوه، وقد قال الله تعالى حكايةً عن نوحٍ عليه السلام وغيره:{أُبَلِّغُكُم رسَالاتِ ربِّي}(٣)، [وقال حكايةً عن صالحٍ -عليه السلام-: {لقد أبْلَغْتُكُمْ رسَالة ربي}(٤)] (٥)؛ والمعنى ورفع تكون حج شهوده أي: غلبوا في الحجة؛ لأنهم جعلوا حسِب بمعنى أيقن، ولزم أن تكون «أن» المخففة من الثقيلة، فيكون التقدير أنه لا تكون فتنةٌ، وقد جاء بخلاف ذلك قوله:{أيحسَبُ الإنسنُ أن لَنْ نجَمَع}(٦)، و {أحسِبَ النَّاسُ أن يُتْرَكُوا}(٧) ولكن الاستفهام ليس من الثابت المحقق/ وهولاء قد نزَّل حسبانهم لقوته عندهم وتصميمهم عليه منزلة اليقين.
(١) انظر: الكشاف للزمخشري ١/ ٤٧٠. (٢) البيت لأوس بن حجر وهو في ديوانه ٢١، والدر المصون ٤/ ٣٢٨. (٣) الآية ٦٢ من سورة الأعراف. (٤) الآية ٧٩ من سورة الأعراف. (٥) مابين المعقوفتين سقط من (ش). (٦) الآية ٣ من سورة القيامة. (٧) الآية ٢ من سورة العنكبوت.