فالأمر في قوله:«فليأكل بيمينه» وفي قوله: «فلْيشرب بيمينه» للوجوب، ويؤكد ذلك قوله بعده:«فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله»؛ لأن كل ما كان من عمل الشيطان يجب اجتنابه.
والأمر في حديث سلمة -رضي الله عنه- بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «كل بيمينك» أيضًا للوجوب، ويؤكد على هذا ويؤيده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا عليه بقوله:«لا استطعتَ»، فلو كان الأكل باليمين مستحبًّا غير واجب، لما دعا عليه بقوله:«لا استطعت».
وفي حديث عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال له:«وكُلْ بيمينك»(٢).
أقول: ليت قومي يعلمون، وليت كثيرًا من المسلمين الذين يتهاونون في الأكل والشرب بالشمال، فيقعون في المحظور، ويفوت عليهم كثير من الأجور، ليتهم يتأملون هذا ويعرفونه جيدًا!
د- المواضع التي يُشرع فيها التيمن:
أولًا: ما يجب فيه التيمن، وهو الأكل والشرب:
يجب التيمن في الأكل والشرب، كما سبق بيانه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالتيمن فيهما، والأمر في الأصل للوجوب، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- بين أن الشيطان يأكل ويشرب بشماله، فالواجب مخالفة الشيطان، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- دعا على الذي أبى أن يأكل بيمينه تكبرًا، وقال:«لا أستطيع». فقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا استطعتَ»، فشَلَّت يدُهُ فما رفعها إلى فيه. ولو كان الأكل باليمين غير واجب لما دعا عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فمن أكل أو شرب بشماله فقد ترك أمرًا واجبًا، وخالف سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وتشبه بالشيطان، واتبعه بفعله، وهذا أمر محرَّم لا يجوز.
وشتَّان بين من اقتفى أثر الرسول -صلى الله عليه وسلم- واتبع سنته، وبين من آثر الهوى، واتبع