وقال ابن القيم في ذكر أنواع هجر القرآن:«والثاني هجر العمل به، والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به، والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه»(١).
الوقفة الثانية:
في مدة ختم القرآن الكريم
عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألم أُخبَرْ أنك تصوم الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة؟» فقلت: بلى يا نبي الله، ولم أُرد بذلك إلا الخير. قال:«فإن بحسْبك أن تصوم من كل شهرٍ ثلاثةَ أيام … » إلى أن قال: «واقرأ القرآن في كل شهر». قال: قلت: يا نبي الله، إني أُطيق أفضل من ذلك، قال:«فاقرأْه في كل عشرين». قال: قلت: يا نبي الله، إني أُطيق أفضل من ذلك. قال:«فاقرأْه في عشر». قال: قلتُ: يا نبي الله، إني أُطيق أفضل من ذلك. قال:«فاقرأه في سبعٍ، ولا تزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقًّا، ولزَوْرِك عليك حقَّا، ولجسدك عليك حقَّا». فقال: فشددتُ فشُدد علي. قال: وقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنك لا تدري لعلك يَطُولُ بك عُمُر». قال: فصرتُ إلى الذي قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما كَبِرتُ وَدِدتُ أني قبِلتُ رُخصةَ نبي الله -صلى الله عليه وسلم- (٢).
وفي رواية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له:«اقرأ القرآن في كل شهر». قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال:«في ثلاث»(٣).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث»(٤).
(١) انظر: «بدائع التفسير» ٣/ ٢٩٢ - ٢٩٣. (٢) أخرجه البخاري في الصوم (١٩٧٧)، ومسلم في الصيام (١١٥٩)، والنسائي في الصيام (٢٣٩٧، ٢٤٠١)، وأحمد ٢/ ١٩٨ (٦٨٦٧). (٣) أخرجها البخاري في الصوم (١٩٧٨)، وأحمد ٢/ ١٨٨ (٦٨٦٤). (٤) أخرجه أبو داود في قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله (١٣٩٠، ١٣٩٤)، والترمذي في القراءات (٢٩٤٩)، وابن ماجه في إقامة الصلاة، والسنة فيها (١٣٤٧)، وأحمد ٢/ ١٩٥ (٦٨٤١). قال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (١٢٦٠).