وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه كان يدعو أمه إلى الإسلام فتأبى، وأسمعته في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يكره، وجاء يبكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسأله أن يدعو الله أن يهديَ أم أبي هريرة، فدعا لها، فأسلمت (١).
[ج- تفاوت حق الوالدين في البر]
لا خلاف في وجوب البر بكل من الوالدين؛ الأب والأم، وإعطاء كل منهما ما يستحقه من البر، لكن حق الأم أعظم وأعظم وأعظم؛ لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رجلًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:«أمك» قال: ثم من؟ قال:«أمك». قال: ثم من؟ قال:«أمك». قال: ثم من؟ قال:«أبوك»(٢).
وفي رواية قال:«من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك»(٣).
ولهذا فصَّل -عز وجل- في وصيته بالوالدين في حق الأم، فقال تعالى في سورة لقمان:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}، ثم قال:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان: ١٤]، وقال تعالى في سورة الأحقاف:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الآية: ١٥].
(١) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٩١)، وأحمد ٢/ ٣١٩ (٨٢٥٩). (٢) أخرجه البخاري في الأدب (٥٩٧١)، ومسلم في البر والصلة والآداب (٢٥٤٨)، وابن ماجه في الأدب (٣٦٥٨). (٣) جاء هذا في رواية مسلم -رحمه الله-.