قال الله تعالى:{سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}[الطلاق: ٧]
الوقفة الأولى
معنى التفاؤل
التفاؤل: مأخوذ من الفأل، وهو الكلمة الطيبة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «الفأل الكلمة الطيبة»(١).
وهو التيمن والاستبشار، ضد التشاؤم والتطير.
قال ابن الأثير (٢): «التفاؤل: مثل أن يكون رجل مريضًا، فيتفاءل بما يسمع من كلام، فيسمع آخر يقول: يا سالم، أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد، فيقع في ظنه أنه يَبْرَأ من مرضه، ويجد ضالته».
والفرق بين التفاؤل والتشاؤم: أن التفاؤل مبني على حسن الظن بالله -عز وجل-، وهو أمر محمود، والتشاؤم والتطير مبني على سوء الظن، وهو أمر مكروه.
والتفاؤل من الله، وهو وليد الإيمان بالله تعالى، والتشاؤم من الشيطان، وهو وليد الكفر، قال تعالى:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا}[البقرة: ٢٦٨]، وقال تعالى:{إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف: ٨٧]؛ ولهذا قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥، ٦] فوعد -عز وجل- أن مع العسر يسرًا، ولم يقل: إن بعد العسر يسرًا؛ لبيان شدة قرب اليسر من العسر؛ ليزداد -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون تفاؤلًا وطمأنينة.
(١) أخرجه مسلم في السلام (٢٢٢٤)، والترمذي في السير (١٦١٥)، وأحمد ٣/ ٢٥١ (١٣٦٣٣) من حديث أنس -رضي الله عنه-. (٢) انظر: «النهاية في غريب الحديث» مادة «فأل».