وقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة العيدين- بعد إجماعهم على مشروعيتها- على أقوال ثلاثة:
القول الأول: أنها سنة مؤكدة، وبهذا قال الإمام مالك (٢)، والإمام الشافعي (٣) -رحمهما الله-، وهو رواية عن أبي حنيفة (٤)، وأحمد (٥) -رحمهما الله-، وهو قول أكثر أهل العلم من السلف والخلف (٦).
واستدلوا على كونها سنةً مؤكدةً بحديث أم عطيةَ -رضي الله عنها-.
وأجابوا عن الآية:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر: ٢] بأن المراد بها: إفراد الله تعالى بالصلاة والذبح عمومًا، وليست خاصة بصلاة العيد ونحر الأضحية، كما سبق ذكره.
كما استدلوا على عدم وجوب صلاة العيدين بحديث طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-، وقوله -صلى الله عليه وسلم- فيه للأعرابي، لما سأله عن الإسلام، قال:«خمس صلوات في اليوم والليلة». فقال الأعرابي: هل عليَّ غيرها؟ قال:«لا، إلا أن تَطَوَّع»(٧).
واستدلوا بحديث الإسراء، أن الله -عز وجل- فرض عليه، وعلى أمته خمس صلوات، وقال:«هي خمسٌ وهي خمسون»(٨)، فلو كان هناك صلاة واجبة غيرهن لذكرها.
(١) أخرجه البخاري في الحيض (٣٢٤)، ومسلم في العيدين (٨٩٠)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها (١٣٠٧)، وأحمد ٥/ ٨٤ (٢٠٧٩٣)، والدارمي ١/ ٤٥٨ (١٦٠٩). (٢) انظر: «الكافي» لابن عبد البر ١/ ٢٦٣، ٣٢٤. (٣) انظر: «المجموع» ٥/ ٢، و «مغني المحتاج» ١/ ٣١٠. (٤) انظر: «مجمع الزوائد» ١/ ١٧٢. (٥) انظر: «الإنصاف» ٢/ ٢٩٤. (٦) انظر: «المجموع» ٥/ ٣. (٧) أخرجه مالك في قصر الصلاة في السفر (١/ ١٧٥)، والبخاري في الإيمان (٤٦)، ومسلم في الإيمان (١١)، وأبو داود في الصلاة (٣٩١، ٣٩٢)، والنسائي في الصلاة (٤٥٨) من حديث طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-. (٨) أخرجه البخاري في الصلاة (٣٤٩)، ومسلم في الإيمان (١٦٣)، والنسائي في الصلاة (٤٤٩)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها (١٣٩٩) من حديث أنس -رضي الله عنه- عن أبي ذر -رضي الله عنهما-.