وعن أنس -رضي الله عنه- قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضحك حتى بدت نواجذه، فقال:«أتدرون ممَّ أضحك؟»، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال:«من مجادلة العبد ربَّه يوم القيامة، يقول: يا رب، ألم تُجِرني من الظلم؟ فيقول: بلى، فيقول: لا أجيز عليَّ شاهدًا إلا من نفسي، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين عليك شهودًا، فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي، فتنطق بعمله، ثم يخلَّى بينه وبين الكلام، فيقول: بُعدًا لكُنَّ وسُحقًا، فعنكنَّ كنت أُناضل»(١).
قال السِّعدي -رحمه الله- (٢): «ولقد عدل في العباد مَن جعل شهودَهم من أنفسهم» وصدق -رحمه الله-، فأي عدالة فوق هذه العدالة!
ثانيًا: حكمة الله تعالى البالغة، وقدرته التامة؛ حيث جعل من هذه الجوارح التي كانت تدافع عن الإنسان في الدنيا شهودًا عليه يوم القيامة، وأنطق منها ما لم يكن ناطقًا، وختم على ما كان منها ناطقًا، وهو اللسان في بعض الأحوال، وأنطقه وأشهده في بعضها.
(١) أخرجه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٦٩). (٢) في «تيسير الكريم الرحمن» (٥/ ٤٠٤).