وقال ابن منظور (١): «ولا خير في عزم بغير حزم؛ فإن القوة إذا لم يكن معها حذر أورطت صاحبها».
وقد امتدح الله -عز وجل- المتصفين بالعزم من الرسل وغيرهم، وأثنى عليهم، وحث على العزم، ورغب فيه، فقال تعالى مخاطبًا نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم-: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ}[الأحقاف: ٣٥].
وقال تعالى:{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[الشورى: ٤٣].
وقال لقمان لابنه فيما ذكر الله تعالى عنه:{يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[لقمان: ١٧].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد»(٢).
وقال -عليه الصلاة والسلام- لابن عباس -رضي الله عنهما-: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز»(٣).
وقد قيل:
إذا كنتَ ذا رأيٍ فكنْ ذا عزيمة … فإن فسادَ الرأيِ أن تَتَرَدَّدا (٤)
فتأمل- أخي الكريم، وفَّقك الله وبارك فيك- هذه النصوص جيدًا، واعلم أن الحياة جدٌّ لا هزل فيها، وأنها أشبه بالبحر المتلاطم، من نزل فيه وهو لا يجيد السباحة
(١) «لسان العرب» مادة «عزم»، وانظر: مادة «حزم». (٢) أخرجه النسائي في السهو (١٣٠٤)، والترمذي في الدعوات (٣٤٠٧)، وأحمد ٤/ ١٢٣ (١٧١١٤) من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه-. وصححه الألباني في «الصحيحة» (٣٢٢٨). (٣) أخرجه مسلم في القدر (٢٦٦٤)، وابن ماجه في المقدمة (٧٩)، وفي الزهد (٤١٦٨)، وأحمد ٢/ ٣٦٦ (٨٧٩١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. (٤) نسب لأبي جعفر المنصور، انظر: «الحماسة البصرية» لأبي الحسن البصري (٢/ ٥٧)، و «زهر الآداب، وثمر الألباب» للحصري القيرواني (١/ ٢٥٧)، و «التذكرة الحمدونية» لأبي المعالي البغدادي (١/ ٤١٩).