وبالتثبت يعرف المسلم حقيقة الأمر، فيَسلَم من الوقوع في الخطأ والإثم، وأذية الآخرين، ومن جر الشرور وجذبها إلى الأمة، وفيها من الجراح والمصائب ما يكفيها.
ثانيًا: الثبات على الحق، والاستعاذة بالله من الفتن، وسؤاله الثبات على الإسلام حتى الممات:
فيثبت المؤمن على دينه، ويقف أمام ما يقع من الفتن بقلب مطمئن، قوي الإيمان، راسخ العقيدة، ثابت كثبوت الجبال الراسيات أمام الأعاصير، حتى تذهب الفتنة وتنجلي.
وكثبوت النخلة من بين كثير من الأشجار أمام الرياح الشديدة والعواصف، كما قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}[إبراهيم: ٢٤].
ولهذا شبه -صلى الله عليه وسلم- المؤمن بالنخلة في الثبات وكثرة الخير (١).
وعن شداد بن أوس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:«إذا كَنَزَ الناس الدرهم والدينار فاكنِزوا هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألُك الثباتَ في الأمر، والعزيمة على الرشد»(٢).
فالفتن كالأعاصير والعواصف سرعان ما تنقشع وتنجلي، فيبقى المؤمن المطمئن على
(١) انظر تفسير هذه الآية في تفسيرنا «عون الرحمن». (٢) أخرجه النسائي في السهو (١٣٠٤)، والترمذي في الدعوات (٣٤٠٧)، وأحمد ٤/ ١٢٣ (١٧١١٤). وصححه الألباني في «الصحيحة» (٣٢٢٨).