غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» (١).
قال الشاعر:
فإذا بُلِيت بمحنة فاصبر لها … صبر الكريم فإن ذلك أحزمُ
وإذا بليت بكربة فالبَسْ لها … ثوب السكوت فإن ذلك أسلمُ
لا تشكونَّ إلى العباد فإنما … تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ (٢)
ثانيًا: ينبغي للمصاب أن يتأمل في حقيقة الدنيا وطبيعتها، وأنها دار فناء، لا دار بقاء، دار غرور ومتاع قليل، وأن الدار الآخرة هي الدار الحقة؛ كما قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٦، ٢٧]، وقال تعالى:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}[آل عمران: ١٨٥، الحديد: ٢٠]، وقال تعالى:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ}[الرعد: ٢٦].
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: نام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وطاء؟ فقال:«ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها»(٣).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة
(١) أخرجه البخاري في المرضى (٥٦٤٢)، ومسلم في البر والصلة (٢٥٧٣)، والترمذي في التفسير (٣٠٣٨)، وأحمد ٢/ ٣٠٣ (٨٠٢٧) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري -رضي الله عنهما-. (٢) الأبيات لزين العابدين بن الحسين -رضي الله عنهما-، وتنسب للشافعي رحمه الله. انظر: «عيون الأخبار» (٢/ ٢٨٤)، «الدر الفريد وبيت القصيد» (١/ ١٥٤). (٣) أخرجه الترمذي في الزهد (٢٣٧٧)، وابن ماجه في الزهد- مثل الدنيا (٤١٠٩) - وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».