٣ قوله تعالى في سورة الأنفال:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الآية: ٦٥].
ففي هذه الآية كُلِّف الواحد من المؤمنين في المعركة بمصابرة عشرة من الكفار، ثم نُسخ بمصابرة المؤمن للاثنين من الكفار بقوله تعالى في الآية بعدها:{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الآية: ٦٦](٢).
٤ قوله تعالى في سورة المجادلة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}[الآية: ١٢].
نُسخت هذه الآية بقوله تعالى في الآية بعدها:{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[الآية: ١٣].
فأوجب الله -عز وجل- على المؤمنين في الآية الأولى تقديم الصدقة بين يديْ مناجاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تخفيفًا عليه، ثم نسخها بالآية الثانية؛ تخفيفًا عليهم (٣).
أوجب الله -عز وجل- في هذه الآية قيامَ الليل، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حولًا كاملًا حتى انتفخت أقدامهم، ثم نُسخ وجوب ذلك بقوله تعالى في آخر السورة:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}[المزمل: ٢٠](٤)، وبقِي قيام الليل بعد ذلك مندوبًا (٥).
(١) انظر المصدر السابق ٢/ ٢١٢. (٢) انظر المصدر السابق ٢/ ٣٨٨. (٣) انظر المصدر السابق ٣/ ٥٥. (٤) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها (٧٤٦)، وأبو داود في قيام الليل (١٣٤٢)، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار (١٦٠١)، وأحمد ٦/ ٥٣ (٢٤٢٦٩) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. (٥) انظر: «الناسخ والمنسوخ» للنحاس بتحقيقنا ٣/ ١٢٩.