وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ:(جَزَاءً لِمَنْ كانَ كَفَر). قال: لمن كان كفَر فيه (١).
ووجَّه آخرون معنى "مَن" إلى معنى "ما"(٢) في هذا الموضعِ، وقالوا: معنى الكلامِ: جزاءً لمن (٣) كان كُفر مِن أيادِي اللهِ ونعمِه، عندَ الذين أهْلَكَهم وغرَّقهم مِن قومِ نوحٍ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾. قال: لمن كان كفَر نعمَ اللهِ، وكفَر [بآلاءِ ربِّه](٤) وكتبِه ورسلِه، فإن ذلك جزاءٌ له.
والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندي ما قاله مجاهدٌ، وهو أن معناه: ففتَحْنا أبوابَ السماءِ بماءٍ منهمرٍ، وفجَّرْنا الأرضَ عُيونًا، فغرَّقْنا قومَ نوحٍ ونجَّيْنا نوحًا؛ عقابًا مِن اللهِ وثوابًا للذي جحَد وكفَر - لأن معنى الكفرِ الجحودُ - وهو (٥) الذي جحَد أُلُوهتَه ووحدانيتَه قومُ نوحٍ، فقال بعضُهم لبعضٍ: ﴿لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: ٢٣]. ومَن ذهَب به إلى هذا التأويلِ، كانت "مَن""اللهُ"، كأنه قيل:[غُرِّقتْ للهِ بكفرِهم به](٦). وإن وَجَّه مُوَجِّهٌ "مَن"(٧) إلى أنها مرادٌ بها نوحٌ ﵇ والمؤمنون به كان مذهبًا، فيكونُ معنى
(١) تفسير مجاهد ص ٦٣٤، ومن طريقه الفريابي - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٢٧. (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بل". (٣) في م: "ما". (٤) في ص، م، ت ١، ت ٣: "بأياديه وآلائه"، وغير واضحة في ت ٢. (٥) سقط من: م، ت ٣. (٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عوقبوا لله ولكفرهم به". (٧) سقط من: م.