* قال ابنُ جِنِّي في "المحتَسَب"(١): إن في "نَوَادِر"(٢) أبي زَيْدٍ:
فمن (٣) أَيِّ يَوْمَيَّ مِنَ المَوْتِ أَفِرّْ؟
أَيَوْمَ لَمْ يُقْدَرَ أَمْ يَوْمَ قُدِرْ؟ (٤)
قال: قيل: أراد: يُقْدَرَنْ، بالنون الخفيفة، وحَذَفَها، وهذا عندنا غيرُ مرضيٍّ؛ لأن النون للتوكيد، والتوكيدُ أَشْبَهُ شيءٍ به الإسهابُ والإطنابُ، لا الإيجازُ والاختصارُ، لكنَّه فيه صنعةٌ ذكرناها في "سِرِّ الصِّناعة"(٥).
ع: فإن قلت: كيف أحذفُ في:
لَا تُهِينَ الفَقِيرَ؟ (٦) ... ... ..
قلت: أَوْلى من هذا أن يُعترض على قولنا: لا يُحذف الفاعلُ بقولنا: لتقومُنَّ، ولتقومِنَّ، والجوابُ واحدٌ، وهو أن هذا حذفٌ إِعْلاليٌّ، لا اختياريٌّ، والحذفُ للإعلال عليه دليلٌ، فكأنَّه مذكور (٧).
(خ ٢)
* [«واحذفْ خفيفةً»]: مثل:
(١) ٢/ ٣٦٦. (٢) ١٦٤. (٣) كذا في المخطوطة، والصواب ما في المحتسب والنوادر ومصادر البيت: مِنْ، أو: فِي، وبه يستقيم الوزن. (٤) بيتان من مشطور الرجز، للحارث بن المنذر الجرمي، وتمثَّل بهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فنُسبا إليه. ينظر: إيضاح الوقف والابتداء ٩٦٩، والبارع ١٧١، والخصائص ٣/ ٩٦، والمحكم ٦/ ٣٠١، وضرائر الشعر ١١٢، وشرح الكافية الشافية ٣/ ١٥٧٥، والمقاصد النحوية ٤/ ١٩٤١. (٥) سر صناعة الإعراب ١/ ٧٥. (٦) بعض بيت من المنسرح، للأَضْبَط بن قُرَيع، تقدَّم في باب المعرب والمبني. (٧) الحاشية في: ٢٨/أ.