كان فرعون رجلا خفيفا فاستفزه الثعبان على السرعة وحمله على الهرب، أو أراد ب " أدبر "أقبل؛ كقولك: قلت له كذا فاقبل يحدثني. {فَحَشَرَ} فجمع؛ كقوله:{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ}(١). {فَنادى} بنفسه أو أمر مناديا فنادى بذلك. وقيل: قام فيهم خطيبا فقال تلك العظيمة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: كلمته الأولى {ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي}(٢). والآخرة:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى}(٣).
{فَأَخَذَهُ اللهُ} مثّل الله به. {نَكالَ} مصدر مؤكد؛ كقوله:{وَعْدَ اللهِ}(٤). و {صِبْغَةَ اللهِ}(٥). كأنه قيل: نكل الله به نكال الآخرة والأولى. والنكال بمعنى التنكيل؛ كالسلام بمعنى التسليم، يعني: الإغراق في الدنيا والإحراق في الآخرة. وقيل: نكال كلمته الأولى وكلمته الآخرة. الخطاب لمنكري البعث يعني:{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً} وإنشاء {أَمِ السَّماءُ،} ثم بين البناء فقال: (٣٢٩ /ب){رَفَعَ سَمْكَها} أي: جعل مقدار ذهابها في العلو مديدا مسيرة خمسمائة عام. {فَسَوّاها} فعدل خلقها مستويا لا عوج فيه ولا فطور ملساء. وأصله:
سوى فلان أمر فلان، أي: دبره.
غطش الليل وأغطشه الله. ويقال: أغطش الليل بمعنى أظلم {وَأَخْرَجَ ضُحاها} وأبرز ضوء شمسها، وأضيف الليل والشمس إلى السماء؛ لأن الليل ظلها، والشمس هي السراج الوهاج. {ماءَها} عيونها المتفجرة بالماء. {وَمَرْعاها} موضع رعيها والمراد هاهنا: العشب الذي أنبتته العيون. ونصب" الأرض والجبال "بإضمار" دحا "و" أرسى "{مَتاعاً} مفعول من أجله أي: تمتيعا. {الطَّامَّةُ} الداهية التي تطم على الدواهي، أي: تعلو وتغلب. قيل: النفخة الثانية. وقيل: الساعة التي يساق فيها أهل الجنة والنار إلى منازلهم.