إدخال "لا" النافية على فعل القسم مستفيض في كلامهم وأشعارهم؛ قال امرؤ القيس [من المتقارب]:
لا وأبيك ابنة العامريّ ... لا يدّعي القوم أنّي أفر (١)
وقال غوية بن سلمى [من الوافر]:
ألا نادت أمامة باحتمالي ... لتحزنني فلا بك ما أبالي (٢)
وفائدتها: توكيد القسم. وقيل: هي زائدة؛ كما في قوله:{لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ}(٣).
وفي قوله [من الرجز]:
في بئر لا حور سرى وما شعر ... ... (٤)
واعترضوا عليه بأنها إنما تزاد في وسط الكلام لا في أوله. وأجابوا: بأن القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض، والاعتراض صحيح؛ لأنها لم تقع زائدة، والجواب غير سديد، ألا ترى إلى امرئ القيس كيف زادها في مستهل قصيدته. والمعنى: أن الشيء لا يقسم عليه إلا إعظاما له، يدل عليه قوله:{فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}(٥) كأنه يقول: إعظامي لهذا القسم كلا إعظام، يعني: أنه يستحق فوق ذلك.
(١) ينظر البيت في: خزانة الأدب للبغدادي (٤/ ٤٨٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٢٤)، ديوان امرئ القيس (ص: ٦٨)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٥٨)، المحتسب لابن جني (٢/ ٢٧٣)، مغني اللبيب لابن هشام (١/ ٤١٤). (٢) ينظر البيت في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٨٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٢٤)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٥٨)، لسان العرب (أهل). (٣) سورة الحديد، الآية (٢٩). (٤) صدر بيت للعجاج وعجزه: بإفكه حتى رأى الصبح حشر. ينظر في: تفسير ابن كثير (١/ ٣٠) تفسير ابن جرير الطبري (١/ ٨١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٢٤)، ديوان العجاج (ص: ١٦)، غريب الحديث للخطابي (٢/ ١٩٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٥٨)، لسان العرب (حور). (٥) سورة الواقعة، الآية (٧٥ - ٧٦).