وتسمّى سورة النعم، ويروى أنه لما نزل {أَتى أَمْرُ اللهِ} وثب النبي صلّى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة، وظنوا أن القيامة قد أتت حتى نزل قوله:{فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} فسكن ما بهم (١).
والهاء في {تَسْتَعْجِلُوهُ} تعود على الأمر، أو على اسم الله، والمعنى يختلف، فالأول تقديره:
لا تستعجلوه بالعذاب. والثاني: لا تطلبوا من الله العجلة، والهاء في {سُبْحانَهُ} في موضع جرّ؛ لأنه لو ظهر لكان مجرورا؛ لقوله:{سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى}(٢) ولو ظهر وكان مجرورا ففي تقديره قولان: أحدهما: تنزّه الله، فيكون فاعلا مرفوعا؛ لأنه عطف عليه {وَتَعالى} وهو فعل ماض. والثاني: نصب، تقديره: نزهت الله، وأصل المتنزه: المكان البعيد المنفسح. وقوله عليه السّلام:"تنزهوا من البول"(٣) أي: تباعدوا منه. و {ما} في {عَمّا يُشْرِكُونَ} مصدرية، ويستغنى بذلك عن الإضمار، فإنك إذا جعلتها موصولة كان التقدير: وتعالى عن مشابهة ما يشركونه به. سمّى الله القرآن روحا هاهنا وفي قوله:{وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا}(٤)(٩٨ /أ). وفي سورة غافر {ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ}(٥) لأن به حياة القلوب، كما أن بالروح حياة الجسد. {أَنْ أَنْذِرُوا}
(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ١٠٧) ونسبه لابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عليهما. (٢) سورة القصص، الآية (٦٨). (٣) رواه أحمد في المسند (٣٨٩، ٣٨٨، ٢/ ٣٢٦)، وابن ماجه رقم (٣٤٨)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٨٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الشيخ الألباني في إرواء الغليل (١/ ٣١٠) رقم (٢٨٠). (٤) سورة الشورى، الآية (٥٢). (٥) سورة غافر، الآية (١٥).