{حم} إن جعلتها (٢٥٦ /أ) مبتدأ مخبرا عنه ب "تلك" لم يكن بد من حذف مضاف، تقديره: تنزيل حم تنزيل الكتاب، و {مِنَ اللهِ} صلة للتنزيل، وإن جعلتها تعديدا للحروف كان {تَنْزِيلُ} مبتدأ، والظرف خبرا. {إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: في خلقهن، بدليل قوله:
{وَفِي خَلْقِكُمْ}. فإن قيل: علام عطف: {وَما يَبُثُّ} أعلى الخلق المضاف، أم المضاف إليه؟ قلنا: بل على المضاف؛ لأن المضاف إليه ضمير متصل مجرور يقبح العطف عليه؛ استقبحوا أن يقال: مررت بك وزيد، وكذلك إن أكدوه؛ كقولك: مررت بك أنت وزيد (١).
قرئ {آياتٌ} بالنصب والرفع (٢) على قولك: إن زيدا في الدار وعمرا في السوق، وعمرو في السوق، وأما قوله:{آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} فمن العطف على عاملين، سواء نصبت أو رفعت فالعاملان إذا نصبت هما:{إِنَّ} و {فِي؛} أقيمت الواو مقامهما؛ فعملت الجر في {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} والنصب في {آياتٌ} وإذا رفعت فالعاملان الابتداء و {فِي} عملت
(١) هذا كلام الزمخشري في الكشاف (٤/ ٢٨٤) وقد اختلف النحاة في هذه المسألة وهي العطف على الضمير المجرور بغير إعادة الجار على ثلاثة مذاهب: أحدها: جواز ذلك مطلقا وهذا مذهب الكوفيين وتابعهم الأخفش ويونس والشلوبين. والثاني: جواز ذلك بشرط إعادة الجار، إلا في ضرورة، وهذا مذهب البصريين. والثالث: جواز ذلك إذا أكد الضمير بغير إعادة الجار، وإلا فلا يجوز إلا ضرورة، وهو مذهب الجرمي. ينظر تفصيل المسألة في: الإنصاف لابن الأنباري (٢/ ٣)، أوضح المسالك لابن هشام (٣/ ٣٩٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (١/ ٥٢٩)، شرح الكافية لابن مالك (١/ ٥٦١)، المفضل شرح المفصل للسخاوي (١/ ٢٠٨). (٢) قرأ حمزة والكسائي ويعقوب "آيات" وقرأ بقية العشرة "آيات". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٤)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٢٥)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٥٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٢١)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٩٤)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٠٨)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٧١).